صرخة في فراغ

عابد
5 min readJul 24, 2023

--

#الايفاد — رسالة من مونتريال الى طرابلس

طابت اوقاتكم اهلنا في ليبيا .. وحيثما كنتم

جامعة ( الفاتح ) ، جناح ” الطبيات ” ، كلية الطب البشري ، كلية التقنية الطبية بالجوار ، وفقت في اجتياز المرحلة بتقدير ممتاز ، الترتيب الاول ، ما منحني حق الايفاد للدراسة بالخارج ، صدر لي قراران في وقت واحد ، قرار ايفاد الاوائل ، وقرار ايفاد طالبة معيدة بالقسم .

نهاية عام 2012 .. سافرت الى بريطانيا .. تحصلت على اجازة الماجستير .. قبل المدة المحددة .. يومها قال المستشار الثقافي بالسفارة .. يجب ان تكتب توصية بشأنك ، وسوف نخاطب الوزارة .. وقد تحضين بمتابعة دراساتك .. وعندما عدت لم اسمع لاغية .

اثر عودتي للوطن ، انتهت بي الرحلة الى جامعة الزاوية ، استاذة بكلية التقنية الطبية ، دام الامر خمس سنوات من التدريس باروقتها . وكانت لي اروع اللحظات مع طالباتي ، اللائي لا زلت على تواصل بمعظمهن ، ولا زلت انتشي عبق الروح الرحبة التي لمستها في كل واحدة منهن ، ولا زلت.

بعد عودتي من بريطانيا ، يسألني والدي : ما الي ابهرك في معالم لندن ؟ .. قلت له ، انا درست في لندن ، ولكن لم ارى لندن ، يا ابي .. انا .. ” دبوزة قراية ” .. الساعة السادسة اتوجه الى مكتبة الكلية ، وأعود السادسة مساءا ، اذهب ليلا واعود ليلا ، عدا بعض ايام الاحد ، زيارات خاطفة لمعالم محدودة ، ساعة بقبن والجسر ، لهذا اعود واقول ، عشت في لندن سنوات ، لكنني لم ارى لندن .

انتظرت قرار وزير التعليم .. استوفيت كل المستندات المطلوبة .. ولدي اكثر من قبول من ذات الجامعات المحددة بمصفوفته .. وتقدمت في الموعد .. انتظرت .. للاسف .. صدر القرار بعد طول انتظار .. ولم يرد اسمي .

خلال فترة التدريس بكلية التقنية الطبية .. جامعة الزاوية .. بدلت جهدا اثمر بانجاز مجموعة ابحاث ، وبعلاقة رحبة جمعتني وطالباتي وطلبتي . اسست لتدشين معمل بالقسم ، ومكتبة ، ولازلت وانا هنا بكندا على تواصل مع زميلاتي بالتدريس ، وارسل لهن الكتب قدر المستطاع لتدشين صرح المكتبة .

كنت انتظر قرار الايفاد ، في لهفة لنيل درجة الاجازة الدقيقة ، اما وقد اصبح الحلم شبح بعيد الاحتمال ، التمست طريق المنح الدولية ، وعند البنك العربي الدولي مشكورا حصلت على القبول بالتمويل شرط السداد بعد انهاء دراستي ، تقدمت لإدارة القسم بطلب التفرغ ، او دعم طموحي .. استجاب رئيس القسم ، وكتب مشكورا :

الاستاذة : احلام زيدان .

الدرجة العلمية : الاجازة العالية ( ماجستير )

المذكورة اعلاه استاذ بقسم العلاج الطبيعي . جامعة الزاوية ، وترغب في استكمال دراساتها لنيل الاجازة الدقيقة ( الدكتوراه ) على سبيل التفرغ التام . على ان تعود الى سابق عملها حال انهاء دراساتها

عليه ، نفيدكم بأننا لا نرى مانعا من ذلك

أحال الطلب الى عميد الكلية .. تركت الامر في اطمئنان ، وبات اهتمامي اتمام اجراءات السفر .

الحجز على اقرب خط جوي .. تونس ، برلين ، مونتريال .، ومن مطار معتيقة الى مطار تونس قرطاج ، ثم الى السفارة الكندية ، وما ان تقدمت بجواز سفري تم الصاق التاشيرة في الحال ، استغرق الامر ربع ساعة . وكنت مع رحلة السبت في الموعد .

وصلت مدينة مونتريال ، يوم الاحد استراحة وتفقد للمحيط ، ويوم الاثنين كنت في قاعة المحاضرة

. بعد مضي ستة اشهر كرمتني الجامعة بجائزة الطالب المتميز ، قيمتها المادية 1500 دولار ، شاركت بحوارات عدة ، ومؤتمرات علمية وانجزت ابحاث نشرت .

سطور في صحيفة الجامعة بالمناسبة ، : ” في كلية العلاج الطبيعي والمهني بجامعة ماكجيل (SPOT) ، ثمة وقتًا للاحتفال بالخريجين والفائزين بالجوائز . نحتفل هذا العام بطريقة لم تكن متخيلة من قبل! ذهب كل شيء بعيدًا بسبب جائحة COVID-19 . في رسالة من مدير المدرسة والعميد المساعد ، الدكتورة لوري سنايدر ، ذكّرت الخريجين قائلة : “على الرغم من ترك كرسي الجامعة ، فإن تعليمك لم ينته بعد . إن تعليمك كمحترف في الصحة هو أداة قوية . علم إعادة التأهيل الصحي يتطور باستمرار . حان الوقت الآن للالتزام بالتعلم مدى الحياة . هذه هي البداية وليست النهاية. نبدأ بمشاركة بعض الأفكار من نجومنا البارزين في برنامج الدراسات العليا ( بدون ترتيب معين ) . يتم تقدير هؤلاء الطلاب الخريجين الذين يعملون بجد من جميع أنحاء العالم لتميزهم في البحث . ( أحلام زيدان ) ، باحثة قادمة من مسافة بعيدة ، توضح أن المجيء إلى ( ماكجيل ) في يناير 2020 كان صعبًا ، ” لقد تركت عائلتي وحياتي كلها في [ بلد آخر — ليبيا ] ، من أجل متابعة أحلامي وطموحاتي ، ليس فقط تلك المتعلقة بمجال إعادة التأهيل ، ولكن أيضًا لان اكون شخصًا منتجًا في المجتمع . تلقيت هذه الجائزة بامتنان ، لقد اشعرتني بأنني أنتمي إلى هنا ، وأنني قادرة على فعل المزيد . بالإضافة إلى ذلك ، هذه الجائزة أكدت لي دون ادنى شك أن هذه هي البيئة التي يمكن فيها للتصميم والمثابرة ان يأتي بنتائج مجزية للغاية .”

عدت في جولة قصير للوطن ورؤية الاهل بعد مضي عام ونيف ، كانت المناسبة رمضان وعيد الفطر .. قمت خلالها بمراجعة الملف بجامعة الزاوية .. وامكانية احتساب سنة بحثية .. تبين انه تبخر في اروقة مكتب عميد الكلية .. وعندما سألته .. اجابني : ربما ضاع .. لم يصل الي .. كانت اجابة كافية . لكن رسالة انقطاعي وصلت ادارة الجامعة ، ولم تتبخر ، وتم فصلي .

يؤلمني ان جامعتي تخلت عني ، وانني صاحبة الترتيب الاول في بلدي النفطي ولم اجد فرصة اتمام دراستي ، وينتظرني سداد قيمة الدين طوال فترات الدراسة للبنك العربي الذي تفضل مشكورا بمنحي الفرصة .

اتمنى ان اوفق في مسيرتي ، وان اجتاز درجة ” الاجازة الدقيقة ” الدكتوراه قريبا ، وان تأتي النتائج قدر الامآل وتضمد شيء من احلام مبعثرة على طول الطريق .

احلام زيدان

مونتريال — كندا

المرسل والد الطالبة .

https://youtu.be/0SZDJfZ4sHg

--

--